التاريخُ يُعيدُ نَفسَهُ

لا غرو أننا نتجرع مرارة الذل والهوان ذاته مرة أخرى في عصرنا لأننا لم نقرأ فلم نعرف تاريخنا ولم نتعلم من أخطائنا. لحظاتٌ صادمة يسطّرها لنا أجدادُنا مُثقلةً بالتخاذل والتباطؤ والتشرذم وإسناد الأمر إلى غير أهله بل وبالدفاع الأثيم عن عدونا المُخادع مغترين بحلمه وبجاه سلطانه معا فينتهي بنا المطاف أن تُنتهكَ أعراضُنا أمام أنظارنا وتُدمّرَ مُدنُنا وحواضرنا ويُقتل جميع من فيها عن بكرة أبيهم. أوجّهُ هذه الصفحات من التاريخ إلى كل من يظن للحظة أن لا بأسَ مِن مُداهنةِ الظالمين وأن حقن الدماء يمكن أن يتحقق بالإذعان لهم. تاريخٌ يسطّره لنا المؤرخ جمال الدين بن تغري ت ٨٧٤ هـ في كتابه “النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة” ج١٢ ص ١٧٠ إلى ص ١٩٠

أليس هذا جزاء من لا يقرأ التاريخ ولا يتعظ به؟ تيمورلنك (الذي أظهر إسلامه) يدمر العراق والشام كل هذا والناس كانت لا تزال منقسمة حوله بين مؤيدٍ ومعارض.

تيمورلنك يدمر مدينة حلب

تيمورلنك_حلب

تيمورلنك يدمر مدينة دمشق

تيمورلنك_ابن_مفلح_دمشق

إن هذه بلا شك صفحة من تاريخ تدمير الجهاد والأمة بدعوى السياسة الشرعية وهذا مُلّخص ما حدث في دمشق. كتب هذا الملخص أحد الأخوة على الشبكات الاجتماعية – بتصرف

١. توجه تيمورلنك -لعنه الله- في عام ثلاث وثمانمائة إلى دمشق، فعزمَ أهلُها على الجهاد.
٢. وصل جيشُ تيمورلنك مشارفَ دِمشق فقاتَلَهم الدمشقيون مِن فوق السور، وردوهم عنه، وقتلوا منهم نحو الألف، وأدخلوا رؤوسَهم إلى المدينة.
٣. في آخر النهار حضر اثنان من أصحاب تيمورلنك ينادي أحدهما بطلب الصلح وأن يَحضُر أحدٌ ممن يعقل حتى يكلّمه.
٤. وقع الاختيار على إرسال القاضي تقي الدين ابن مفلح صاحب شرح المقنع وطبقات أصحاب الإمام أحمد وشرح مختصر ابن الحاجب.
٥. قال المؤرخون: كان إماما فقيها، عالمًا فاضلا، ديّنا، وَلِيَ قضاء دمشق، وحَمُدَت سيرَتُه إلى أن امتُحِنَ في واقعة تيمورلنك.
٦. اجتمع القاضي ابن مفلح بتيمورلنك ثم رجع فأخبر أن تيمورلنك تلطّف معه، وقال تيمور له: هذه بلد الأنبياء، وقد أعتقتها صدقةً عن أولادي.
.٧. فقام ابن مفلح في الثناء على تيمورلنك قياما عظيما، وشرع يُخذِّل الناسَ عن القتال، ويكفهم عنه
٨. فمال معه طائفةٌ من الناس، وخالفته طائفة، فأصبحوا وقد غلب رأي ابن مفلح، فعزم على إتمام الصلح، وأن من خالف ذلك قتل.
٩. عقد ابن مفلح الصلح مع تيمور على دفع أموال له، وأكثر ابن مفلح ومن معه من ذكر محاسن تيمور وبث فضائله، ودعا العامة إلى طاعته، وموالاته، وجمع المال لتيمور.
١٠. حمل ابن مفلح وأصحابه المال إلى تيمور، ووضعوه بين يديه، فلما عاينه غضب غضباً شديداً، ولم يرض به، وألزمهم بأضعاف ذلك، فالتزموا بها.
١١. فعاد ابن مفلح ومن معه فألزموا الناس كلهم بالأموال وأخذوا من الأوقاف، فنزل بالناس في هذا بلاء عظيم.
١٢. لم يرض تيمور بذلك وقال لابن مفلح وأصحابه: ظهر أنكم قد عجزتم، وطلب جميع ما في البلد من السلاح والمال والدواب.
١٣. ثم قبض تيمور على أصحاب ابن مفلح وألزمهم أن يكتبوا له جميع خطط دمشق وحاراتها، فكتبوا ذلك، فقسم شوارع دمشق بين أمرائه.
١٤. فكان الرجل يعذب بالضرب والمشي على النار والتعليق، ويشاهد امرأته وهي توطأ، وابنته وهي تفض بكارتها، وولده وهو يلاط به.
١٥. فلما علم الأمراء أنه لم يبق في دمشق شيء له قدر، خرجوا إلى تيمور لنك، فأباح دمشق لأتباع أمرائه
١٦. فدخلها الجنود فنهبوا ما بقي من الأثاث وسبوا نساء دمشق بأجمعهن، وساقوا الأولاد والرجال، وتركوا من عمره خمس سنين فما دونها. ثم طرحوا النار في المنازل.
١٧. ثم رحل تيمور لنك بالأموال والسبايا والأسرى، بعدما أقام ثمانين يوما بدمشق فصارت أطلالاً بالية، وجثثا مترامية وإنا لله وإنا إليه راجعون.
١٨. وقُتِلَ في تلك السنة تقي الدين ابن مفلح وواحسرتاه على تلك السياسة التي ظنّها شرعية
١٩. ولا زال يتكرر نموذج ابن مفلح، ولطالما تسلق طغاةُ العرب والعجم على أكتاف الضعفاء المهزومين “المبرراتية” وإن ظنوا أنفسهم أذكياء مستبصرين.

الكتاب بصيغة بي دي أف النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة

النجوم_الزاهرة_في_ملوك_مصر_والقاهرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *